الدُّودة المقدَّسة
ومعمل الحرير؟ هل جاءَك نبأ الدُّودة الَّتي تُغرَس من أجلها بساتين التّوت وتُشيّد الخَصاص؛ تلك البذرة الغالية الكامن فيها خيط الحرير. بذرة قزٍّ ساكنةٍ، فجرثومة متحرّكة، فدودة نهمة، تأكل من ورق التوت ليل نهار، سبعة أيّام متواصلة، ثمّ تصوم يومًا كاملًا، ثمّ تعيد الكرة إلى الأطباق الخضراء. وبعد صومات وأكلات معدودة تصعد إلى الشّيح لتَحُوك الشَّرنقة حبالها من حرير، فيحين يوم القطاف، وما يصحبه من أمل بموسم مبارك. وهذي هي الشرانق تُنْقَل إلى المعامل فتُخْنَق في مخانقها، ثمَّ تُنْقَل الشرانق المُخَنَّقَة فيها الديدان، إلى جرّات المعمل، وفيها المياه الحامية، وراءَها الحلَّالات والحلّالون يتناولون بأناملهم خيوطها الذّهبيّة فتحلّ، وتلفّ على الدّواليب، ثمّ يُرْزَم الحرير المحلول خُصلًا، فبالاتٍ، تُشحن إلى أوروبا.
أمين الريحاني
قلب لبنان صفحة 76